المساعد الشخصي الرقمي

مشاهدة النسخة كاملة : * اطمئن ولا تغضب ولا تُضخم من المشكلات *


محب الدعوة
12-21-2019, 10:31 PM
* اطمئن ولا تغضب ولا تُضخم من المشكلات *
*الَّذِينَ آمَنُوا وَتَطْمَئِنُّ قُلُوبُهُمْ بِذِكْرِ اللَّهِ أَلَا بِذِكْرِ اللَّهِ تَطْمَئِنُّ الْقُلُوبُ *
جُبلت هذه الحياة على التنوع في الأحداث والوقائع ، فلا تكاد تثبت على حال ، ولكي تعيش حياتك بطمأنينة وسكينة وراحة بال فلابد أن تكون مؤمنا بالقضاء والقدر خيره وشره راضيا بما كتب الله سبحانه متأملا بقلبك أنها حياة متغيرة لا تصفو ولن تصفو لأحد طوال حياته ، فليس من طبيعة الدنيا الصفاء التام ، ومن هنا أصبح الإيمان بالقدر خيره وشره ركنٌ من أركان الإيمان أمر به الرحيم الرحمن فكان هذا الاعتقاد رحمة للإنسان .

*مقادير الخلائق*
اعلم أن الله كتب مقادير الخلائق قبل أن يخلق السموات والأرض بخمسين ألف سنة قال تعالى (مَا أَصَابَ مِنْ مُصِيبَةٍ فِي الْأَرْضِ وَلَا فِي أَنْفُسِكُمْ إِلَّا فِي كِتَابٍ مِنْ قَبْلِ أَنْ نَبْرَأَهَا إِنَّ ذَلِكَ عَلَى اللَّهِ يَسِيرٌ (22) لِكَيْلَا تَأْسَوْا عَلَى مَا فَاتَكُمْ وَلَا تَفْرَحُوا بِمَا آتَاكُمْ وَاللَّهُ لَا يُحِبُّ كُلَّ مُخْتَالٍ فَخُورٍ (23) ، وعَنْ عَبْدِ اللهِ بْنِ عَمْرِو بْنِ الْعَاصِ، قَالَ: سَمِعْتُ رَسُولَ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، يَقُولُ: " كَتَبَ اللهُ مَقَادِيرَ الْخَلَائِقِ قَبْلَ أَنْ يَخْلُقَ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضَ بِخَمْسِينَ أَلْفَ سَنَةٍ . رواه مسلم (2653)
فالاعتقاد بهذا والتسليم لله من أعظم الأسباب لراحة البال وانشراح الصدر وسكون الروح

*الهدوء*
كن هادئا في التعامل مع المشكلات فلا تُضخم ولا تُهَوِّل ولا تبالغ في التحسر والندم ، فأحداث هذه الدنيا تتنوع مثلما أن الكون يتنوع ، ليل يعقبه نهار ، شتاء يحل مكانه صيف ، شروق يؤول إلى غروب ، نجوم تظهر وتختفي وشهرٌ يهلُ وينتهي وهكذا هي الدنيا سيرها عجيب وأمرها غريب قدرها الله العزيز الحكيم "إِنَّا كُلَّ شَيْءٍ خَلَقْنَاهُ بِقَدَرٍ" ، فأي شيء كان صغير أم كبير معنوي أو حسي ، دق أو جل ، فكل هذا إنما هو بقدر من الله العليم سبحانه " مَا أَصَابَ مِنْ مُصِيبَةٍ إِلَّا بِإِذْنِ اللَّهِ وَمَنْ يُؤْمِنْ بِاللَّهِ يَهْدِ قَلْبَهُ وَاللَّهُ بِكُلِّ شَيْءٍ عَلِيمٌ "


*موقف*
يقدر الله لمريم أمرا عظيما لحكمة منه سبحانه ، حتى تمنت مريم أنها ماتت قبل هذا وكانت نسيا منسيا ، ومع ذلك يقول الله " فَكُلِي وَاشْرَبِي وَقَرِّي عَيْنًا ".

تساؤل ؟
قد يقول قائل كيف السبيل إلى الهدوء والروية مع المشكلات ؟
الجواب : ابدأ بالتخلص من تضخيم المشكلات الصغيرة حتى ترتقي بعدها بإذن الله إلى الهدوء والسكينة مع المشكلات الكبيرة ، إذ لا يمكن أن تصل لهذه المرحلة إلا بالبدء بصغائر الأحداث قبل كبارها ، فمثلاً من الوقائع الصغيرة التي تقع كثيرا أثناء الجلوس على مائدة الطعام فيحدث أن طفلا صب على الأرض كأس قهوة أو لبنا أو نحو ذلك فينفعل البعض بشدة ويصرخ ! ويتفاعل بقوة مع هذه المشكلة اليسيرة ! ولا ريب أن هذا خطأ وصاحب هذا التصرف سُيتعب نفسه كثيرا فإذا كان هذ الأمر اليسير يجعل البعض يثور ويرفع صوته فلا يمكن في الغالب أن يصل لمرحلة السكينة مع الأمور العظيمة .


*تعلم الدرس الجميل في الهدوء *

عَنْ عَائِشَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهَا، قَالَتْ: «كَانَ النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يُؤْتَى بِالصِّبْيَانِ فَيَدْعُو لَهُمْ، فَأُتِيَ بِصَبِيٍّ فَبَالَ عَلَى ثَوْبِهِ، فَدَعَا بِمَاءٍ فَأَتْبَعَهُ إِيَّاهُ، وَلَمْ يَغْسِلْهُ» رواه البخاري (6355) واللفظ له ورواه مسلم (286)

انتهت المشكلة كل ما في الأمر أن دعا بماء فأتبعه إياه ، مع أن هذا بولٌ نجس ومع ذلك تأمل التصرف الهادئ المتزن بلا صراخ ولا تضخيم .
وأزيدك حديثا آخر ودرس عظيم من النبي الكريم صلى الله عليه وسلم تأمل معي كيف تعامل الرسول صلى الله عليه وسلم مع من بال في المسجد في أحب البقاع إلى الله ومع ذلك لاتجد إلا السكينة والرحمة والهدوء في التعامل مع الخطأ ومع الجاهل في الحكم فعن أبي هُرَيْرَةَ رضي الله عنه أَنَّ أَعْرَابِيًّا بَالَ فِي المَسْجِدِ، فَثَارَ إِلَيْهِ النَّاسُ ليَقَعُوا بِهِ، فَقَالَ لَهُمْ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «دَعُوهُ، وَأَهْرِيقُوا عَلَى بَوْلِهِ ذَنُوبًا مِنْ مَاءٍ، أَوْ سَجْلًا مِنْ مَاءٍ، فَإِنَّمَا بُعِثْتُمْ مُيَسِّرِينَ وَلَمْ تُبْعَثُوا مُعَسِّرِينَ» رواه البخاري (6128)





حتى في مصيبة الموت تأمرنا الشريعة الإسلامية بضبط انفعالاتنا فلا نهيج في تصرفاتنا فعن أَبِي مُوسَى رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ، إِنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «بَرِئَ مِنَ الصَّالِقَةِ وَالحَالِقَةِ وَالشَّاقَّةِ» رواه البخاري (1296) ورواه مسلم (104)
قال النووي في شرح صحيح مسلم (صَالِقَةٌ وَسَالِقَةٌ وَهِيَ الَّتِي تَرْفَعُ صَوْتَهَا عِنْدَ الْمُصِيبَةِ وَالْحَالِقَةُ هِيَ الَّتِي تَحْلِقُ شَعْرَهَا عِنْدَ الْمُصِيبَةِ وَالشَّاقَّةُ الَّتِي تَشُقُّ ثَوْبَهَا عِنْدَ الْمُصِيبَةِ )

*طمأنينة رغم الابتلاءات*
فهذا رسول الله صلى الله عليه وسلم على الرغم من الابتلاءات التي عاشها ويعيشها إلا أنه مطمئن متوسد بردة له في ظل الكعبة !

فعَنْ خَبَّابِ بْنِ الأَرَتِّ، قَالَ: شَكَوْنَا إِلَى رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، وَهُوَ مُتَوَسِّدٌ بُرْدَةً لَهُ فِي ظِلِّ الكَعْبَةِ، قُلْنَا لَهُ: أَلاَ تَسْتَنْصِرُ لَنَا، أَلاَ تَدْعُو اللَّهَ لَنَا؟ قَالَ: «كَانَ الرَّجُلُ فِيمَنْ قَبْلَكُمْ يُحْفَرُ لَهُ فِي الأَرْضِ، فَيُجْعَلُ فِيهِ، فَيُجَاءُ بِالْمِنْشَارِ فَيُوضَعُ عَلَى رَأْسِهِ فَيُشَقُّ بِاثْنَتَيْنِ، وَمَا يَصُدُّهُ ذَلِكَ عَنْ دِينِهِ، وَيُمْشَطُ بِأَمْشَاطِ الحَدِيدِ مَا دُونَ لَحْمِهِ مِنْ عَظْمٍ أَوْ عَصَبٍ، وَمَا يَصُدُّهُ ذَلِكَ عَنْ دِينِهِ، وَاللَّهِ لَيُتِمَّنَّ هَذَا الأَمْرَ، حَتَّى يَسِيرَ الرَّاكِبُ مِنْ صَنْعَاءَ إِلَى حَضْرَمَوْتَ، لاَ يَخَافُ إِلَّا اللَّهَ، أَوِ الذِّئْبَ عَلَى غَنَمِهِ، وَلَكِنَّكُمْ تَسْتَعْجِلُونَ»رواه البخاري (3612)


*لاتغضب*

عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ، أَنَّ رَجُلًا قَالَ لِلنَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: أَوْصِنِي، قَالَ: «لاَ تَغْضَبْ» فَرَدَّدَ مِرَارًا، قَالَ: «لاَ تَغْضَبْ» رواه البخاري (6116)

فإن وقع عليك الغضب وامتلأ به صدرك فالزم السكوت فعن ابْنِ عَبَّاسٍ قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «عَلِّمُوا وَيَسِّرُوا وَلَا تُعَسِّرُوا، وَإِذَا غَضِبَ أَحَدُكُمْ فَلْيَسْكُتْ»
رواه البخاري في الأدب المفرد (245) ، ورواه أحمد (2136) وصححه الألباني في صحيح الجامع (4027) وخرجه في سلسلة الأحاديث الصحيحة (1375)وحسنه لغيره شعيب الأرنؤوط

وعَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رضي الله عنه قال قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: " إِذَا غَضِبْتَ فَاسْكُتْ ".رواه ابن شاهين في الفوائد (1) ، وقال الألباني هذا إسناد حسن ، أنظر سلسلة الأحاديث الصحيحة للألباني حديث رقم(1375) .








*اقرأ هذه الآيات بتدبر وخذ بإرشاداتها لتفلح وتسعد*
قال الله تعالى

إِنَّ الْإِنْسَانَ خُلِقَ هَلُوعًا (19) إِذَا مَسَّهُ الشَّرُّ جَزُوعًا (20) وَإِذَا مَسَّهُ الْخَيْرُ مَنُوعًا (21) إِلَّا الْمُصَلِّينَ (22) الَّذِينَ هُمْ عَلَى صَلَاتِهِمْ دَائِمُونَ (23) وَالَّذِينَ فِي أَمْوَالِهِمْ حَقٌّ مَعْلُومٌ (24) لِلسَّائِلِ وَالْمَحْرُومِ (25) وَالَّذِينَ يُصَدِّقُونَ بِيَوْمِ الدِّينِ (26) وَالَّذِينَ هُمْ مِنْ عَذَابِ رَبِّهِمْ مُشْفِقُونَ (27) إِنَّ عَذَابَ رَبِّهِمْ غَيْرُ مَأْمُونٍ (28) وَالَّذِينَ هُمْ لِفُرُوجِهِمْ حَافِظُونَ (29) إِلَّا عَلَى أَزْوَاجِهِمْ أَوْ مَا مَلَكَتْ أَيْمَانُهُمْ فَإِنَّهُمْ غَيْرُ مَلُومِينَ (30) فَمَنِ ابْتَغَى وَرَاءَ ذَلِكَ فَأُولَئِكَ هُمُ الْعَادُونَ (31) وَالَّذِينَ هُمْ لِأَمَانَاتِهِمْ وَعَهْدِهِمْ رَاعُونَ (32) وَالَّذِينَ هُمْ بِشَهَادَاتِهِمْ قَائِمُونَ (33) وَالَّذِينَ هُمْ عَلَى صَلَاتِهِمْ يُحَافِظُونَ (34) أُولَئِكَ فِي جَنَّاتٍ مُكْرَمُونَ (35) سورة المعارج

كتبه / فهد بن عبدالله العمرو ahldawa@gmail.com