المساعد الشخصي الرقمي

مشاهدة النسخة كاملة : (عشر ذي الحجة و بعض أحكام الأضحية ) للشيخ منصور الصقعوب ...


محب الدعوة
10-26-2010, 06:39 PM
عشر ذي الحجة للشيخ منصور الصقعوب حفظه الله ..
الحمد لله حمداً كثيراً طيباً كما يحب ربنا ويرضى، والشكر له على ما أولى من نعم وأسدى، الإله الذي لاتخفى عليه خافية والسرّ عنده علانية وهو عالم السر والنجوى, وأشهد ألا إله إلا الله وحده لا شريك له شهادة نستجلب بها نعمه، ونستدفع بها نقمه، وندخرها عنده، وأشهد أن سيدنا ونبينا محمداً عبده ورسوله، صفيه وخليله، صلى الله عليه وعلى آله وأصحابه، نجوم الهدى، ومن سار على نهجهم واقتفى إلى يوم الدين
أما بعد فاتقوا الله أيها المؤمنون وقدموا ليوم عرضكم(ياأيها الذين آمنوا اتقوا الله ولتنظرنفس ماقدمت لغدٍ واتقوا الله إن الله خبير بما تعملون)
تزود من التقوى فإنك راحل وسارع إلى الخيرات فيمن يسارعُ
فما المال والأهلون إلا ودائع ولا بد يوماً أن تُرد الودائع
عباد الله:
تجمع القلوب وتعترف الخلائق ويقر الكون كله بعظمة الله سبحانه, والله سبحانه تسمى بالعظيم واتصف بالعظمة وكملت له العظمة, فهو عظيم في ذاته وفي أسمائه وفي صفاته وفي أفعاله وفي أقسامه, وإذا تقرر هذا فالعظيم لن يقسم إلا بعظيم, وعلى أمر عظيم, وكل شيء فعظمته بقدره, وليس أعظم على الإنسان من عمره ووقته وأيامه, فهي حياته بها يصل إلى الجنان وبها يرضي الرحمن, وكم في القرآن من أقسام من الله سبحانه على أجزاء من الوقت, يتجلى فيها أهمية الوقت وشرف الزمن وعظيم النعمة على من أدرك تلك الأوقات ووفق فيها لعمل الطاعات, والفجر وليال عشر والشفع والوتر والليل إذا يسر, والضحى والليل إذا سجى, والليل إذا يغشى والنهار إذا تجلى, والعصر وهو الزمن كله أوهو الوقت المعروف على اختلاف أقوال المفسرين .
وتأمل كيف أقسم الله في كتابه في سورة الفجر بأقسام أربعة تنبيك عن قدر ما أنت فيه, أقسم بالفجر حيث يبزغ الفجر ويطلع النهار ويتنفس الصبح وتعود الحياة وينادي المؤذنون الناس بالصلاة, حيث الصلاة المشهودة, حيث تحل البركة, حيث يتمايز المحبون لله حقاً من أصحاب الدعاوى, حيث تأتي الصلاة التي هي محك الإيمان, وبلسم القلوب, وسعادة الضمائر,
وليالٍ عشر, وهي على قول أكثر أهل التفسير مانعيش فيه من موسم عشر ذي الحجة, قاله ابن عباس وابن الزبير ومجاهد، وغير واحد من السلف, ولا عجب أن يقسم الله بها, فهي أيام تجمعت فيها العبادات مابين صيام وصلاة وحج وذكر وتكبير وأضحية, فهي أشرف أيام السنة على الإطلاق وإن كانت ليالي العشر من رمضان أفضل من ليالي عشر ذي الحجة, ولذا جاء النص النبوي والحديث الذي بين مقدار شرف موسم اليوم, حين قال المصطفى  " ما من أيام العمل الصالح فيهن أحب إليهن من هذه العشر يعني عشر ذي الحجة قالوا ولا الجهاد في سبيل الله..."
ويكفي في بيان شرفها إقسام الله بها, ثم إقسامه بالشفع والوتر, والوتر على قول جماعة من المفسرين هو يوم عرفة، لكونه التاسع، والشفع، هو يوم النحر، لكونه العاشر, ولذا فإدراك موسم كهذا ومدّ العمر حتى يحظى العبد بدركه شرف ومنة وكرم من رب العزة, لمن وفق فيه للطاعة.
أما هذا الجهاد تهفوا النفوس له
أما هذا الجهاد ورد في فضائله ما ورد, فهل نعي أن الطاعات في هذه الأيام أشرف منه وأفضل.
عباد الله: والمرء يسرُّ حين يرى اجتهاد الناس في العشر الأواخر من رمضان، واهتمامهم بها، وحرصهم على اغتنامها، والمنافسة على الخير فيها، ولكنه يعجب أشد العجب، حين يرى هؤلاء الصالحين أنفسهم، لا يحفلون بهذه الأيام المباركة، ولا يهتمون لها، ولا يجتهدون فيها كاجتهادهم في العشر الأخير من رمضان، مع أن هذه الأيام أفضل من تلك الأيام
قال ابن حجر- رحمه الله"والذي يظهر أن السبب في امتياز عشر ذي الحجة: لمكان اجتماع أمهات العبادة فيه، وهي الصلاة والصيام والصدقة والحج، ولا يأتي ذلك في غيره ".
وقال ابن رجب- رحمه الله"لما كان الله سبحانه قد وضع في نفوس عباده المؤمنين حنينا إلى مشاهدة بيته الحرام، وليس كل أحد قادرا على مشاهدته كل عام، فرض على المستطيع الحج مرة واحدة في عمره، وجعل موسم العشر مشتركا بين السائرين والقاعدين ".
إن هذه الأيام فرصة لنا لنعيش مع الله, فكم قصرنا في حقه, لنسابق للخيرات فكم سابقنا للدنيا وقصرنا في السبق للجنات, لنزكي أنفسنا ونغذي أرواحنا ونخطوا للجنة خطوات
معشر الكرام: كلنا معترفون بالزلل والخطأ, وحين تريد أن تقدم لربك العبادة فتنق من الذنب والخطيئة, وأعلن الندم والتوبة واصدق في الرجوع للرب والأوبة, لتمحو خطاياً غلبك عليها الشيطان فعصيت فيها الرحمن, هل رأيتم كرم الله وحلمه وعفوه, ألست الذي عصيت, ألست الذي خالفت أمره وهو كان يراك فأمهلك و ما بادرك بالعقوبة, ثم فتح لك باب العودة, فإن أنت أتيت إليه اليوم صادقاً وعلى التوبة عازماً محى ذنبك وغفر حوبك, وأذن لملائكته أن تدعوا لك (فاغفر للذين تابوا واتبعوا سبيلك) أنت الذي بالأمس تعصيه إن أتيت اليوم صادقاً ولفضله شاكراً ف( ما يفعل الله بعذابكم إن شكرتم وآمنتم) فأول خطوة يستصحبها المؤمن في كل آن التوبة الصادقة التي يصحبها الندم على ما سلف من العصيان وتغيير الحال والعزم على العيش في طاعة ذي الجلال.
والتكبير والتحميد والتهليل, عمل نص عليه الرسول عليه السلام بل وحث عليه الرب الجليل, ففي التنزيل (ويذكروا اسم الله في أيام معلومات)وفي الحديث " فأكثروا فيهن من التهليل والتكبير", وقد روي عن فقهاء التابعين أنهم كانوا يقولون في العشر الله أكبر الله أكبر لا إلة إلا الله والله أكبر الله أكبر ولله الحمد, الله أكبر كلمة تخرج من اللسان وتجلجل في الفضاء وترتفع للسماء, كلمة ما أحرى المرء إلى أن يعمر عشره بها ويستشعر عظمتها, ليذكر ربه وليراه غيره فيحذو حذوه, والمستحب للمرء أن يذكر الله في سائر أوقاته وأدبار صلواته, ويتأكد التكبير أدبار الصلوات في أيام التشريق ,
والصيام عمل ميسور في أيامٍ قصر نهارها واعتدل جوها, وعظم أجرها, (ومن صام يوماً في سبيل الله باعد الله وجهه عن النار سبعين خريفاً) ولا سيما يوم عرفة الذي قال عنه : ((يوم عرفة أحتسب على الله أن يكفر السنة التي قبله، والسنة التي بعده،)) رواه مسلم, فلا تغلبن عليه إن لم تكن من الحجيج .
ولا تنسى أن تتعرض لنفحات المولى في يوم عرفة فهو يوم يباهي الله بعباده الحجاج الملائكة, ويدنو منهم ويقول كما في الحديث ما أراد هؤلاء أنظروا إلى عبادي أتوني شعثاً غبراً أشهدكم أني قد غفرت لهم, وحين كان ذلك للحجيج جعل الله للمقيمين شرفاً وفضلاً في ذلك اليوم, وهو مضاعفة أجر العمل فيه, ومحو ذنوب سنتين بصيامه, والموفق من وفقه الله.
وكل طاعة تستطيع فعلها في العشر فاذكر أنها أفضل منها في غيرها, فأقبل بما استطعت واركض إلى الله ما قدرت, أطعم جائعاً إقرأ آية صل صلاة أحيي بالقيام ليلة, صل رحماً وأحسن خلقاً, ومع هذا فلا تنسى أن من الطاعة ترك المعصية, فجاهد النفس أن تخرج العشر وأنت قد غلبت الشيطان وأقللت من العصيان, فإن لم تفعل فلا تنسى أن المعصية في العشر أعظم جرماً منها في غيرها, وإن لم نقدر على ترك الذنوب في أشرف المواسم وأنفس الأيام فمتى سنتركها, وكأني بأحدنا يقول نعلم أننا مقصرون لكن ماذا نفعل, وأقول لنفسي ولمن يسمعني فما فائدة الدعاء إذن, نحن بأنفسنا ضعفاء إلا إن أعاننا الله, فهل جربنا أن ننطرح بين يديه ونتضرع إليه ونقول له داعين صادقين" ربنا نريد القرب منك والتوبة إليك ولكن الشيطان غلبنا وأنت ياربنا المستعان فأعنا على طاعتك وشكرك, أعنا على ترك تلك المعصية وعلى المحافظة على الطاعة" فإنه ما دعا عبدٌ ربه إلا وفقه وأعانه, فيامن بليت بمعصية, يامن تشكو من ضعف رغبتك في الطاعة, يامن لم يذق لذة العبادة, أصدق مع الله في الدعاء وتحرّ أوقات الإجابة, وبإذن الله لن تعدم الخير .

الحمد لله وحده..
أما بعد: ومن أعظم ما يتقرب به إلى الله سبحانه في يوم النحر الأضاحي، وهي عمل لم يتركه النبي طيلة بقائه بالمدينة, ولذا أجمع الأئمة على مشروعيتها وأوجبها بعضهم على القادر كابن تيمية, ولكن الجمهور على استحبابها, فلا تغلبن أيها القادر عليها ولا تشح بقيمتها فلن يضيع عند ربك شيء, ولا تستكثر ماتنفقه فيها فكم ننفق من الأموال في أبواب من الدنيا ولا نبالي, وهذه عبادة لاعادة وقربة قرر العلماء أن ذبحها أفضل من الصدقة بثمنها.
وجميل أن نذكر بجملة من الأحكام في هذا الباب على عجل:
أولاً: الأصل في الأضحية أنها مشروعة في حق الأحياء كما كان رسول الله يفعل, وأما التضحية عن الأموات فإن كان ذلك تبعاً للأحياء مثل أن يضحي الرجل عنه وعن أهل بيته وينوي بهم الأحياء والأموات فجائز, وقد ضحى النبي عنه وعن أهل بيته وفيهم من قد مات من قبل. وأما أن يضحي عن الأموات بمقتضى وصاياهم تنفيذاً لها فهذا مشروع وليس له أن يخلّ بالوصية, وأما أن يضحي عن الأموات تبرعاً مستقلين عن الأحياء فهذه جائزة، وقد نص الحنابلة على أن ثوابها يصل إلى الميت وينتفع به قياساً على الصدقة عنه، ولكنه ليس من السنة أن يخص الميت بالأضحية ؛ لأن النبي لم يضح عن أحد من أمواته بخصوصه.
ثانياً: يشرع للمضحي أن يأكل من أضحيته، ويهدي، ويتصدق لقوله تعالى: {فَكُلُواْ مِنْهَا وَأَطْعِمُواْ الْبَآئِسَ الْفَقِيرَ } ولا فرق في جواز الأكل والإهداء من الأضحية بين أن تكون تطوعاً أو واجبة، ولا بين أن تكون عن حي أو ميت أو عن وصية؛ ويحرم أن يبيع شيئاً من الأضحية لا لحماً ولا غيره حتى الجلد، ولا يعطي الجازر شيئاً منها في مقابلة الأجرة أو بعضها لأن ذلك بمعنى البيع, وله أن يعطيه منها صدقة أو هدية إذا أكمل له أجرته.
وثالثاً: أنه إ ذا أراد أحد أن يضحي فليس له أن يأخذ شيئاً من شعره، أو أظفاره أو جلده إذا دخل الشهر حتى يذبح أضحيته, وقد ورد في الصحيح عن أم سلمة أن النبي قال: «إذا رأيتم هلال ذي الحجة، وفي لفظ: «إذا دخلت العشر وأراد أحدكم أن يضحي فليمسك عن شعره وأظفاره». وفي لفظ: «فلا يأخذ من شعره وأظفاره شيئاً حتى يضحي»، وفي لفظ: «فلا يمس من شعره ولا بشره شيئاً». وإذا نوى الأضحية أثناء العشر أمسك عن ذلك من حين نيته ولا إثم عليه فيما أخذه قبل النية, ولو أنه وكل أحداً بالذبح عنه في بلده أو في خارج بلده فإن الذي يمسك عن هذا الأشياء عو الموكل صاحب الأضحية وليس الوكيل, ولو أخذ المضحي من هذا الأشياء شيئاً فعليه بالاستغفار والتوبة, ولا يمنعه ذلك عن الأضحية
قال العلماء: والحكمة في هذا النهي أن المضحي لما شارك الحاج في بعض أعمال النسك وهو التقرب إلى الله تعالى بذبح القربان شاركه في بعض خصائص الإحرام من الإمساك عن الشعر ونحوه.
رابعاً: وينبغي في الذبح أن يكون المذكي عاقلاً مميزاً، فلا يصح الذبح من صغير لم يميز، أو كبير ذهب تمييزه, أو مجنون ونحوهم, و أن يكون المذكي مسلماً، أو كتابياً وهو من ينتسب إلى دين اليهود أو النصارى, وأما سائر الكفار غير أهل الكتاب فلا يحل ما ذكوه, و أن يذكر اسم الله تعالى عليها فيقول عند تذكيتها باسم الله .
خامساً: قال العثيمين: وإذا كان الإنسان يريد أن يضحي ويريد أن يحج فإنه إذا دخل العشر لا يأخذ من شعره ولا من ظفره شيئًا، ولكنه إذا وصل إلى مكة وأدى العمرة فإنه يقصر من شعره؛ لأن هذا نسك ولا حرج عليه في هذه الحال، فإذا كان يوم العيد وغلب على ظنه أن أهله ذبحوا أضحيته فإنه في هذه الحال يأخذ مما شاء من ظفره وشعره
سادساً:من الناس من يحج ويريد أن يضحي, والأصل أن الحاج ليس عليه أضحية, بل عليه الهدي, ولو كان له أهل فأبقى عندهم من المال ما يضحون به أو اشترى لهم فإنها لهم, إلا إن قال هي لي ولكم فإنه حينها يلزمه الإمساك عن الشعر والظفر حتى يأتي نسكه .
وبعد معاشر الكرام: فها أنتم في الموسم فلا تذهب الأيام إلا وقد أودعناها طاعات تبيض الوجه حين تكشف الصحف عند رب البريات, ولنكن على حذر أن يأتي الأجل ونحن على تقصير وسوء عمل.
( مضى أمسك الماضي شهيدا معدلا ... واتبعه يوم عليك شهيد )
( فإن تك بالأمس اقترفت إساءة ... فبادر بإحسان وأنت حميد )
( ولا تبق فعل الصالحات إلى غد ... لعل غدا يأتي وأنت فقيد )
( إذا ما المنايا قد خطتك وأسقطت ... حميمك فاعلم أنها ستعود )

محب الدعوة
11-08-2010, 06:31 PM
للفائدة ...

القوي بالله
11-11-2010, 10:49 AM
جزبت خيرا وبوركت نقل موفق ونافع...

قدوتي محمد صلى الله عليه وسلم
11-14-2010, 07:20 AM
الله يجزاك خير .

محب الدعوة
10-30-2011, 08:13 AM
الله أكبر الله أكبر لا إله إلا الله والله أكبر الله أكبر ولله الحمد ..