المساعد الشخصي الرقمي

مشاهدة النسخة كاملة : مذهب أهل السنة في الأسماء والصفات ..


محب الدعوة
06-22-2010, 03:03 PM
س182: ما مذهب أهل السنة والجماعة في الأسماء والصفات ؟
ج182: مذهبهم في الأسماء والصفات في ثلاث نقاط : في الإثبات ، وفي النفي ، وفيما لم يرد فيه دليل بخصوصه .
فأما الإثبات فهم يثبتون لله تعالى ما أثبته لنفسه من الأسماء والصفات في كتابه وما أثبته له نبيه  في سنته من غير تحريف ولا تعطيل ولا تكييف ولا تمثيل ، بل يؤمنون بأن الله تعالى ليس كمثله شيء وهو السميع العليم والبصير .
وأما النفي فهم ينفون عن الله تعالى ما نفاه عن نفسه في كتابه وما نفاه عنه نبيه  في سنته مع إثبات كمال الضد كما سيأتي بيانه - إن شاء الله تعالى - .
وأما فيما لم يرد فيه دليل بخصوصه فإنهم لا يثبتون لفظه ولا ينفونه ويستفصلون في معناه ، فإن أريد به الحق قبلوه وإن أريد به الباطل ردوه ، وسيأتي بيان ذلك بعد قليل - إن شاء الله تعالى - ، فهذا هو مجمل اعتقادهم  في الصفات ، والله أعلم .
* * *
س183: ما معنى قول أهل السنة : ( من غير تحريف ولا تعطيل ولا تكييف ولا تمثيل ) ؟ وضح ذلك بالتقسيم والتمثيل .
ج183: هذه المصطلحات الأربعة مهمة جدًا في سياق مذهب أهل السنة في الأسماء والصفات ، ودونك شرحها :
الأول : التحريف ، وهو لغة : التغيير . واصطلاحًا : تغيير النص لفظًا أو دلالة . ونعني بالدلالة المعنى ، وبه يتضح أن التحريف قسمان : تحريف للفظ النص بأن يزاد فيه أو ينقص منه أو تغير حركته ، وقد يتغير معه المعنى وقد لا يتغير ، وتحريف لمعنى النص ، وهو تحريف دلالة النص ، بأن يبقى اللفظ على ما هو عليه ، ولكن تسلب دلالته الصحيحة ويقحم فيه معنى لا يدل عليه ، ودونك الأمثلة :
مثال تحريف اللفظ الذي تغير معه المعنى ، تحريف اليهود لقوله تعالى :  وقولوا حطة  أي حط عنا ذنوبنا ، فحرفوه وقالوا : ( حنطة ) فزادوا هذه النون ، فهذه النون حرفت النص لفظًا ومعنى ، ويسميها العلماء نون اليهود .
ومثال آخر : تحريف الجهمية لقوله تعالى :  ثم استوى على العرش  فحرفوه إلى قولهم : ( استولى ) فزادوا فيه اللام ، وبها يكون قد تغير النص لفظًا ومعنى ، ويسميها العلماء لام الجهمية ، وفي ذلك يقول الإمام ابن القيم في النونية :
نون اليهود ولام جهمي هما
في وحي العرش زائدتان

ومثال آخر : في قوله تعالى :  وكلم اللـهُ موسـى تكليمًا  فحرفه بعضهم بنصب لفظ الجلالة الاسم الأحسن ، وذلك لنفي صفة الكلام عن الله تعالى ، ولما جاء بعضهم إلى أبي عمرو بن العلاء المقرئ المعروف واقترح عليه قراءة هذه الآية كذلك أي بنصب لفظ الجلالة قال له : هب أنني وافقتك فيكف تفعل بقوله تعالى :  ولما جاء موسى لميقاتنا وكلمه ربه  فسقط في يديه وبهت ذلكم المعتزلي .
وأما مثال تحريف اللفظ الذي لم يتغير معه المعنى ، فكنصب لفظ ( الحمد ) في قوله تعالى :  الحمدُ لله رب العالمين  .
وأما مثال تعريف المعنى ، فكتحريف الأشاعرة والمعتزلة والجهمية لصفات الله تعالى ، مثل قولهم : المراد باليدين النعمة أو القدرة والمراد بالنـزول إلى السماء الدنيا نزول الملك أو الأمراء أو الرحمة ، ونحو ذلك كما سيأتي مفصلاً - إن شاء الله تعالى - .
والتحريف حرام وقد يصل بصاحبه في بعض صوره إلى الكفر .
الثاني : التعطيل ، وهو لغة : الإخلاء والتفريغ ومنه قوله تعالى :  وبئر معطلة  أي لا وراد لها لحلول العذاب بأهلها ، ومنه قول العرب : (( جيد معطل )) أي خلي من الحلي .
واصطلاحًا : إخلاء الله تعالى عن أسمائه وصفاته إخلاءً كليًا أو جزئيًا ، وبه يتضح أن التعطيل قسمان أيضًا : تعطيل كلي ، كتعطيل الجهمية أتباع الجهم بن صفوان الترمذي فإنهم عطلوا الله تعالى عن أسمائه وصفاته كلها . وتعطيل جزئي ، كتعطيل المعتزلة أتباع واصل بن عطاء والأشاعرة أتباع أبي الحسن الأشعري ، فإن المعتزلة عطلوا الله تعالى عن كل صفاته فقط ، وأما الأشاعرة فعطلوه عن ما سوى الصفات السبع ، وقد أثبت الفريقان - أي المعتزلة والأشاعرة - الأسماء وزادت الأشاعرة بإثبات الصفات السبع .
والتعطيل حرام وقد يصل بصاحبه في بعض صوره إلى الكفر .
الثالث : التكييف ، وهو حكاية كيفية الصفة أي أن يقال : كيفية يد الله كذا وكذا ، وكيفية وجه الله كذا وكذا ، وهو حرام وقد يصل بصاحبه في بعض صوره إلى الكفر .
الرابع : التمثيل ، وهو إثبات مماثل ، كأن يقال : يد الله مثل أيدينا أ وجه الله مثل وجوهنا ، وهو حرام وقد يصل بصاحبه إلى الكفر .
فهذا هو معنى هذه المصطلحات الأربعة .
وخلاصة الكلام أن يقال : إن إثبات أهل السنة للصفات والأسماء لا تمثيل ولا تكييف فيه وتنزيههم لا تعطيل ولا تحريف فيه ، فإثباتهم ونفيهم بريء من هذه الآفات الأربع ، والله أعلم .
* * *
قاله الشيخ وليد السعيدان ...

محب الدعوة
06-22-2010, 03:05 PM
س184: ما الفرق بين التكييف والتمثيل ؟
ج184: أقول : التكييف والتمثيل بينهما عموم وخصوص من وجه ، فكل تمثيل فهو تكييف ، وليس كل تكييف تمثيلاً .
أي أنك إذا حكيت كيفية صفةٍ من صفات الله تعالى - أعاذنا الله من ذلك - فلا يخلوا إما أن تقرنها بشيء مشاهد محسوس ، فهذا هو التكييف والتمثيل ، تكييف لأنك تحكي الكيفية وتمثيل لأنك قرنتها بمماثل ، وأما إذا حكيت الكيفية ولم تقرنها بمماثل مشاهد معروف لنا فإن هذا تكييف فقط ، فصح بذلك قولنا : كل تمثيل فهو تكييف ، وليس كل تكييف تمثيلاً .
وإن شئت الاختصار فقل : التكييف : حكاية كيفية الصفة من غير قرنٍ بمماثل ، والتمثيل : حكاية كيفية الصفة مع قرنها بمماثل ، والله يتولانا وإياك .
* * *
س185: هل الأفضل أن نقول : ( من غير تمثيل ) أم نقول : ( من غير تشبيه ) ؟ ولماذا ؟
ج185: بل الأفضل هو أن نقول : ( من غير تمثيل ) وذلك لأمرين :
الأول : أن هذا هو المتوافق مع لفظ القرآن ، فإن الله تعالى قال :  ليس كمثله شيء  ، وقد تقرر أن متابعة ألفاظ النصوص في أبواب الاعتقاد وأخص منه في باب الأسماء والصفات أسلم وأبعد عن الاختلاف والتناقض وهو من كمال المتابعة .
الثاني : أن نفي التشبيه لا يخلو إما أن يراد به نفي التشبيه المطلق فهذا لم يقل به أحد من بني آدم ، وإما أن يكون نفي مطلق التشبيه وهذا ممتنع إذ ما من شيئين موجودين إلا وبينهما نوع اشتباه ، وذلك في الاسم المطلق عن الإضافة ونعني به مسمى الوجود ن ونفي هذا القدر حقيقته نفي الصفة ، فصار الأسلم هو التعبير بما جاء في القرآن ، والله تعالى أعلى وأعلم .
* * *
س186: ما معنى قول أهل السنة في النفي : ( مع إثبات كمال الضد ) ؟
ج186: معناه أن تعرف أن أهل السنة - رحمهم الله تعالى - لهم في النفي نقطتان :
الأولى : أنهم ينفون هذه الصفة المنفية كصفة الظلم مثلاً .
الثانية : أنهم لا يقفون عند هذا النفي فقط ، بل يعتقدون أن الله تعالى لم ينف عنه هذه الصفة إلا لأنه متصف بكمال ضدها ، فنفى عن نفسه الظلم لكمال عدله ، ونفى عن نفسه الصاحبة والولد لكمال غناه عن كل أحد ، ونفى عن نفسه السنة والنوم لكمال حياته وقيوميته ، ونفى عن نفسه العجز واللغوب لكمال قوته وقدرته ، ونفى عن نفسه أن يحاط به علمًا ورؤية لكمال عظمته وكبره وجلاله وعزته جل وعلا .
فهذا معنى قول أهل السنة : ( مع إثبات كمال الضد ) ، أي كمال ضد الصفة المنفية ، فالظلم ضده العدل ، فانف الظلم وصِفْهُ بكمال العدل ، والعجز ضده القدرة ، فانف العجز وصِفْهُ بكمال القدرة ، وهكذا والله أعلم .
* * *
س187: ما الفرق التي خالفت أهل السنة والجماعة في باب الأسماء والصفات ؟ مع توضيح وسطية أهل السنة في هذا الباب .
ج187: الفرق التي خالفت أهل السنة - رحمهم الله تعالى - في هذا الباب فرقتان : الممثلة والمعطلة .
فأما الممثلة فقالوا : نحن نثبت لله الأسماء والصفات ، وهذا حق وصدق ولا ريب فيه ، ويا ليتهم وقفوا عند ذلك ، لكن أفسدوه بقولهم : على وجهٍ يماثل صفات المخلوقات المحدثات ، أي هم يقولون : إثباتنا بتمثيل .
وأما المعطلة فقالوا : نحن ننزه الله تعالى عن مماثلة المخلوقات المحدثات ، وهذا حق وصدق لا ريب فيه ، ويا ليتهم وقفوا عند ذلك ، ولكن أفسدوه بقولهم : تنزيهًا ننفي معه الأسماء والصفات ، بتفاوتٍ بينهم في هذا النفي ، أي هم يقولون : تنزيهنا بتعطيل .
فأنت ترى أن الممثلة قد غلوا في جانب الإثبات حتى مثلوا وفرطوا في جانب التنزيه ، والمعطلة غلوا في جانب التنزيه حتى عطلوا وفرطوا في جانب الإثبات ، وأما أهل السنة الموفقون المهديون أهل الحديث والأثر فلا غلو عندهم ولا تفريط ، بل هي الوسطية التي هي عادتهم في كل أبواب الاعتقاد ، وإذا أردت أن تعرف وسطيتهم .
فانظر إلى الحق الذي مع كلا الطائفتين فإنه خلاصة منهج السلف في هذا الباب ، فالحق الذي مع الممثلة هو إثبات الأسماء والصفات ، والحق الذي مع المعطلة هو تنزيه الله عن مماثلة المخلوقات ، وهذا هو مذهبنا إثبات بلا تمثيل وتنزيه بلا تعطيل .
فقولهم : إثبات بلا تمثيل رد على الممثلة لأن إثباتهم بتمثيل ، وقولهم : تنزيه بلا تعطيل رد على المعطلة لأن تنزيههم بتعطيل ، وهذا هو معنى قوله تعالى :  ليس كمثله شيء  ، رد على أهل التمثيل ، وقوله :  وهو السميع البصير  رد على أهل التعطيل ، فالممثلة أخذوا بالأدلة المثبتة للأسماء والصفات وتركوا الأدلة التي تنفي مماثلة الله تعالى للمخلوقات ، والمعطلة عكسوا الأمر فأخذوا بالأدلة التي تنفي مماثلة الله تعالى للمخلوقات وتركوا الأدلة التي فيها إثبات الأسماء والصفات ، فكلا الفريقين قد أخذ بطرفٍ من الأدلة وترك الآخر ، وأما أهل السنة - رفع الله نزلهم في الفردوس الأعلى - فإنهم أخذوا بكل الأدلة ، وهذا هو حقيقة الوسطية ، والله أعلى وأعلم .
* * *
قاله وليد السعيدان ...

قدوتي محمد صلى الله عليه وسلم
06-30-2010, 05:43 AM
الله أكبر علم وفير ...جزاك الله خيرا

عبد الغني ادعيكل
10-01-2010, 02:08 PM
جزاك الله خيرا و حفظك من كل سوء

محب الدعوة
10-07-2010, 07:21 PM
وإياكم نفع الله بكم ..

طارق الكردي
11-02-2010, 06:25 PM
جزاكم الله خيرا وبارك الله فيكم
ولذلك يقول الفضيل : حرامٌ على قلوبكم أن تصيب حلاوة الإيمان حتى تزهدوا في الدنيا، وقال أيضًا : إذا لم تقدر على قيام الليل وصيام النهار فاعلم أنَّك محروم

محب الدعوة
11-08-2010, 06:16 PM
جزاكم الله خير ...

مهاجرة الى ربى
11-11-2010, 05:24 AM
بارك الله فيك

رب مبلغ أوعى من سامع

محب الدعوة
01-04-2011, 06:54 PM
وفيكم ، نفع الله بكم ..

أبو عبد البر طارق دامي
01-04-2011, 07:00 PM
موضوع مهم , هناك قاعدة في الإثبات و النفي وهي الإثبات المفصل و النفي المجمل

ام خالد ايوب
03-22-2011, 09:37 PM
نفع الله بك .. وجزاك الله خيرا

محب الدعوة
04-08-2011, 09:46 PM
وإياك ، بارك الله فيكم ..