المساعد الشخصي الرقمي

مشاهدة النسخة كاملة : أقسام البدعة وحكمها الشرعي ، ومسائل أخرى عن البدعة ...


محب الدعوة
06-22-2010, 10:35 PM
ما أقسام البدعة باعتبار حكمها الشرعي ؟ مع بيان ذلك بالأمثلة ؟
ج/ تنقسم البدعة باعتبار حكمها الشرعي إلى قسمين بدعة مكفرة وبدعة غير مكفرة ، أي من البدع ما يحكم عليه بأنه كفر ، ومن البدع ما لا يصل إلى درجة الكفر بل يبقى في درجة الظلم والفسق ، فمثال البدعة المكفرة بدعة الجهمية أتباع الجهم بن صفوان الترمذي ، فإن بدعة هؤلاء كفروا ببدعتهم وقد تقلد كفرهم خمسمائة عالمٍ من أهل السنة وذكر بعض أهل السنة المتأخرين اتفاق أهل السنة على أن الجهمية كفار خارجون عن الثلاث وسبعين فرقة ولا أن يوصفوا بأنهم من أهل القبلة ، ومن البدع المكفرة بدعة القول بخلق القرآن ولذلك فقد أتفق السلف على أن من قال بخلق القرآن فإنه كافر ، ومن البدع الكفرة بدعة القدرية الذين ينكرون علم الله السابق والكتابة السابقة ويزعمون أن لا قدر وأن الأمر أنف ، وقد أتفق على تكفيرهم من تأخر موته من الصحابة كابن عمر وأنس وأبي سعيد وأبي هريرة وغيرهم ، وسار أهل السنة على هذا الاتفاق ولذلك قالوا : ناظروهم في العلم في العلم فإن أنكروه كفروا وإن أثبتوه غلبوا ، ومن البدع المكفرة بدعة دعاء الأموات والذبح لهم والاستغاثة لهم في كشف الملمات وتفريج الكربات ، والركوع والسجود إلى القبور والحلف بغير الله تعظيما له كتعظيم الله تعالى ، كل ذلك بدع مكفرة ، وهذه بعض الأمثلة . وأما البدع التي لا تصل إلى حد الكفر ، فكبدعة شد الرحال إلى القبور وبدعة الأذكار الجماعية أدبار الصلوات وبدعة تخصيص مكان أو زمان معين ببعض العبادات وبدعة إخراج العمل من الإيمان وبدعة تكفير مرتكب الكبيرة ، ونحو ذلك ، والله أعلم .

س287/ كيف الجواب على من يقول : أن من البدع ما يكون حسناً ويستدل بقول عمر رضي الله عنه لما جمع الناس على أبيّ رضي الله عنه في صلاة التراويح فخرج فقال ( نعمت البدعة هذه ) ؟
ج/ أقول : لا دلالة في هذا القول على ما يريده هذا المدعي وبيان ذلك من وجوه :
الجواب الأول : أننا عرفنا البدعة الشرعية إحداث شيء في الدين ليس عليه أمر الشارع ، والاجتماع في صلاة التراويح مما عليه أمر الشارع ففي صحيح البخاري عن عائشة رضي الله عنها أن رسول الله صلى الله عليه وسلم صلى في المسجد ذات ليلة فصلى بصلاته ناس ثم صلى من القابلة فكثر الناس ثم اجتمعوا في الليلة الثالثة أو الرابعة فلم يخرج إليهم رسول الله صلة الله عليه وسلم فلما أصبح قال : قد رأيت الذي صنعتم ولم يمنعني من الخروج إلا أني خشيت أن تفرض عليكم وذلك في رمضان فدل هذا الحديث على كونها سنة فإن قيام رسول الله صلى الله عليه وسلم أولاً دليل على صحة القيام في المسجد جماعة في رمضان ، وامتناعه عنه بعد ذلك عن الخروج ليس بنسخ لهذا الحكم بل علله بخوفه أن يفرض عليهم هذا القيام ، فرحمة بأمته أمتنع من الخروج وهذا التي يخشاه قد زال بموته صلى الله عله وسلم فإن قلت: فلو كان كذلك فلماذا لم يفعل في عهد أبي بكر؟ فأقول: يرجع ذلك لأمرين :
أولاً : أما لأنه رأى أن قيام الناس آخر الليل وما هم عليه كان عنده وعنده من جمعهم إلى إمام واحد أول الليل .
ثانياً : ضيق زمانه رضي الله عنه عن النظر في ذلك الفرع مع شغله التام بأهل الردة وغير ذلك مما هو أوكد من صلاة التراويح ، فالاجتماع في صلاة التراويح شيء كان أول من فعله النبي صلى الله عليه وسلم فهو مشروع ، فعلم بذلك أن قول عمر رضي الله عنه
( نعمة البدعة هذه ) أنه لا يقصد بها البدعة الشرعية إنما يقصد بها البدعة اللغوية .
الجواب الثاني : أنه لا يظن بمن هو دون عمر رضي الله عنه من الصحابة أن يخالف ما كان يسمعه كل خطبة من فم النبي صلى الله عليه وسلم من قوله ( وخير الهدي هدي محمد صلى الله عليه وسلم وشر الأمور محدثاتها وكل بدعة ضلالة ) فإنه لا يتطرق إلى مؤمن عرف قدر الصحابة وشدة ورعهم وتحريهم للمتابعة التامة وحذرهم الشديد من المخالفة ولو في الأمور اليسيرة ولا يتطرق إلى قلبه أي يخالف أحدهم ذلك النهي الذي تواتر سماعهم له فإنهم كانوا يسمعونه الفينة بعد الفينة فكيف يظن ذلك بعمر رضي الله عنه الخليفة الثاني أمير المؤمنين ، أن يحسن بدعه في الشرع كان يسمع كثيرا أنها ضلالة ؟ هذا لا يكون أبداً وأقسم بالله تعالى أنه لا يكون ، فدل ذلك على أنه بقوله ( نعم البدعة هذه ) أنه لا يريد الشرعية وإنما يريد بها معناها اللغوي لأن البدعة باعتبار معناها اللغوي منها ما هو حسن .
الجواب الثالث : سلمنا جدلاً أنه يريد الشرعية ، فإنه لا كلام لأحد كائنا من كان مع النص الصحيح الصريح من المعصوم صلى الله عليه وسلم ، فكل قول أو فعل يخالف ما ثبت من قوله وفعله فإنه رد على صاحبه ، وأقوال العلماء يستدل لها لا يستدل بها ، وكل يوزن بما معه من الحق لا أن الحق يوزن بالرجال ، وكل يأخذ من قوله ويترك إلا قول محمد صلى الله عليه وسلم وحقيقة الإيمان به تقدم قوله صلى الله عليه وسلم على قول كل أحد قال تعالى (( يا أيها الذين آمنوا لا تقدموا بين الله و الرسول )) فلا يعارض قوله صلى الله عليه وسلم بقول أحد كائناً من كان قفوله هو السيد المتبوع المطاع وهو الميزان الذي توزن به الأقوال ، فما وافقه من الأقوال فهو المقبول وما خالفه فهو المردود والله أعلم .
الجواب الرابع : أن صلاة التراويح في رمضان خلف إمام مما أنعقد عليه الإجماع المعلوم بالضرورة قطعاً وثبت عليه عمل المسلمين من عهد عمر رضي الله عنه إلى عهدنا هذا لم ينكره منكر من المسلمين ، فإن كان بعض أهل العلم قد استطاع القدح في حجة الإجماع فلا أظنه يستطيع أن ينكر أن هذا من الإجماع ، والإجماع حجة شرعيه وما ثبت بالإجماع فلا يكون أبداً بدعة شرعية . والله أعلم .
الجواب الخامس : أن المقرر في الأصول ومقاصد الشريعة أن المتشابه يرد المحكم ، وأن المجمل يرد إلى المبين فقول هذا إن سلمنا أنه من المتشابه أو المجمل أو المبهم فإن الواجب فيه رد الأمر إلى المحكم المبين الواضح ، ولا يخفاك أيها الأخ المبارك أن الأدلة والآثار التي سقنا طرفاً يسيراً منها والتي تحذر من الابتداع وتأمر بالإتباع ، ولا يخفاك أنها من الشهرة الوضوح والأحكام والبيان بما لا يدع أدنى أدنى أدنى مجال للشك في حكم كل البدع الشرعية ، فكيف بالله عليك تعارض هذه الأدلة والواضحات المتواترات معنىً المحكمات دلالةً النيرات نهجاً الصحيحات سنداً بقولٍ محتمل متشابه ؟ هذا إذا سلمنا جدلاً أن قول عمر من المتشابه ، فكيف وقد جزمنا سابقاً أنه لا يريد إلا البدعة اللغوية فقط ؟ فالأمر واضح عجزت عيون الخفافيش عن مقاومة نور الشمس والله أعلم .

س288/ يستدل بعض محسني البدع على تحسين بدعهم بقوله صلى الله عليه وسلم ( من سن في الإسلام سنة حسنة كان له أجرها وأجر من عمل بها إلى يوم القيامة من غير أن ينقص من أجورهم شيء ) فما وجه استدلالهم به وكيف الإجابة عنه ؟
ج/ أقول : أما هذا الحديث فقد رواه مسلم رحمه الله تعالى ورفع نزله في الفردوس الأعلى وجمعنا به في الجنة نحن وسائر إخواننا وأخواتنا من المسلمين ، وهو واضح الدلالة بين المقصود لا يدل على ما يرده محنوا البدع لا مطابقة ولا تضمنا ولا التزاما ، وبيان ذلك أن يقال : إن الحديث فيه ( من سن في الإسلام سنة حسنة ) فليس فيه سوى ذكر السنة الحسنة والسيئة ولم يرد ذكر للبدعة ، والسنة في اللغة الطريقة ، فالمقصود بالحديث : أن من أتى بطريقة حسنة فسنها للناس فهو من المثابين عليها ولا يمكن تعرف طريفة ما أنها حسنة إلا بدلالة الشرع على تحسينها ، فعندما توصف الطريقة بأنها حسنه كما في الحديث فإن ذلك يدل على أن لها أصلاً في الشرع كذلك قال أهل العلم في هذا الحديث ومناسبة الحديث تدل على أن الرسول صلى الله عليه وسلم لم يطلق( السنة الحسنة ) إلا على أمر له أصل في الشرع فإن سبب الحديث أنه جاء إلى الرسول صلى الله عليه وسلم وفد من العرب كانوا على غاية من الحاجة والفقر وحث النبي صلى الله عليه وسلم أصحابه على التصدق عليهم فجاء رجل من الأنصار فتصدق بصدقة كبيرة ثم تتابع الناس من بعده على التصدق حتى تجمع قدر كبير من الصدقات فأعجب فعل الأنصاري النبي صلى الله عليه وسلم فقال الحديث فالنبي صلى الله عليه وسلم إنما قصد بالسنة الحسنة فعل الأنصاري من ابتدائه بالصدقة في تلك الحادثة والصدقة مشروعة من قبل ، فتقرر بهذا أن النبي صلى الله عليه وسلم إنما أطلق السنة الحسنة على ما هو مشروع في الدين فلا مجال لإقحام البدع تحت دائرة السنة الحسنة إذ البدعة لا أصل لها في الشرع ، ولا يمكن أن توصف بأنها حسنة أبداً وقد وصفها أهل أعلم الخلق بالشريعة بأنها ضلالة وبأنها رد ، فظهر بهذا بطلان استدلال محسني البدع بهذا الحديث ، بل الحديث حجة عليهم فإنه قال ( ومن سن في الإسلام سنة سيئة ) والبدع كلها سيئة ، فأنظر كيف انقلب الاستدلال عليهم وذلك لأنه لا يمكن أبداً أن تقر نصوص الشريعة البدعة بأي شكل كانت ، بل تظافرت نصوص الشريعة كتاباً وسنة مع وفور الآثار عن الصحابة والتابعين والسلف على أنها مردودة وضلالة . والله أعلم .

س289/ أذكر بعض الضوابط والقواعد المهمة لمعرفة البدعة مع شيء يسير من شرحها؟
ج/ أقول : لقد ذكر أهل العلم رحمهم الله تعالى بعض القواعد والضوابط المهمة لمعرفة البدعة والتميز بينها وبين السنة ودونك بعضها :
القاعدة الأولى : كل إحداث في الدين فهو رد ، وهذا مأخوذ من الحديث المعروف ( من عمل عملاً ليس عليه أمرنا فهو رد ) والمراد بالإحداث هنا أي اختراع قول أو فعل لا دليل عليه من الكتاب والسنة أو ما تفرع عنها من الإجماع والقياس الصحيح ، وهذه القاعدة هي أم القواعد في الباب وما بعدها من القواعد والضوابط فإنه متفرع عنها .
القاعدة الثانية : الأصل في العبادات الحظر والتوقيف وهذه القاعدة كالتعبير الثاني لمعنى القاعدة الأولى.
القاعدة الثالثة : الأصل في العبادات الإطلاق عن الزمان والمكان والصفة المعينة ، وهذه القاعدة أيضاً من الأصول المهمة لمعرفة البدع ، فتقول : أن من قيد عبادة بصفة معينة فإن هذا القيد يتوقف قبوله على الدليل ومن قيّدها بوقت معين فإن هذا القيد يتوقف قبوله على الدليل المعين ، ومن قيد عبادة بمكان معين فإن هذا القيد أيضاً قبوله على الدليل الرعي الصحيح الصريح فمن أعطاه الله فهم هذه القاعدة فقد أوتي خيرا كثيرا .
القاعدة الرابعة : لا يستدل على شرعية الوصف بشرعية الأصل ، بل لا بد للوصف الزائد على الأصل من دليل خاص ولا يحق أن يعمل العبادات على الوصف المخترع الذي لا دليل عليه ، بل هذا الوصف يتطلب دليلاً زائداً على مجرد دليل الأصل ، وإذا أردت شرحاً بتفصيل فارجع إلى كتابنا تحرير القواعد وجمع الفرائد والله أعلم .
القاعدة الخامسة : الأحكام الشرعية تفتقر في ثبوتها للأدلة الصحيحة الصريحة ، وهذه القاعدة مع القاعدة قبلها تنسف كل ما يحتج به المبتدعة ، وبيان ذلك أن يقال : إن المبتدعة إذا طلب منهم البرهان على ما اخترعوه فإنهم يستدلون بأحد أمرين ـ وهذا في الأغلب ـ الأمر الأول : إما أن يستدلون عليها بحديث ضعيف أو موضوع فجوابهم حينئذ يكون بالقاعدة الخامسة أي بهذه القاعدة ، الأمر الثاني : وإما أن يستدلون عليها بدليل الأصل الذي لم يتعرض أصلاً للوصف الذي يفعلونها عليه ، فيكون الجواب عليه حينئذ بالقاعدة الرابعة التي تقول :شرعية الأصل لا تستلزم شرعية الوصف ، وبهذا نكون قد سددنا عليهم أبوابا كثيرة يلجون منها والحمد لله .
القاعدة السادسة : كل فهم في نصوص الصفات والقدر واليوم الآخر مخالف لفهم السلف فهو بدعة ، أو نقول : ما لم يرد في الكتاب ولا في السنة ولم يأثر عن الصحابة والتابعين من المعتقدات فهو بدعة وهذا الأصل يتضح به فضل السلف على الخلف ، فإن السلف رحمهم الله تعالى ورفع نزلهم في جنات عدن وجمعنا بهم في الجنة وحشرنا في زمرتهم كانوا يفهمون من نصوص الصفات واليوم الآخر فهماً خاصاً موافقاً لمراد رسول الله صلى الله عليه وسلم ، وهو أنهم ينظرون لها من جهتين من جهة المعنى ومن جهة الكيف فأما معانيها فإنها معلومة عندهم ، لأنها باللسان العربي فوجب حملها على المعاني المتقررة عندنا في هذا اللسان العربي ، وأما كيفياتها فإنهم يوكلون علمها لله تعالى ، وباختصار نقول : السلف يعلمون معاني نصوص الصفات واليوم الآخر ويفوضون كيفيتها لله تعالى ، وأما القدر فإنهم كانوا يفهمون نصوصه أيضاً فهماً خاصاً جامعاً للأدلة كلها فيثبتون القدر السابق علما وكتابة وخلقاً ومشيئة ويثبتون أن للعباد قدرة ومشيئة ، والله خالق ذواتهم وصفاتهم وأفعالهم فهذا فهمهم في هذه الأبواب ، وبناء عليه فكل فهم محدث يخالف هذا الفهم فإنه بدعة ، وذلك كفهم الجهمية والمعتزلة والاشاعرة والمتردية لنصوص الصفات ، وكفهم الفلاسفة أهل التخييل لنصوص اليوم الآخر ، وكفهم الجبرية والقدرية لنصوص القدر ، فكل هذه الفهوم باطلة بدعة مردودة على أصحابها لمخالفتها لفهم السلف ، وكل فهم يخالف فهم السلف فهو بدعة فأنظر كيف عرفنا بدعاً كثيرة ببركة هذه القاعدة ، وهذا يبين لك أهمية معرفة القواعد وإجادة التفريع عليها .
القاعدة السابعة : كل تعبد قولي أو فعلي لا يعرف عن السلف فهو بدعة ، كالاحتفال بالمواليد ، فإنه ليس معروفاً عن السلف والطواف حول القبور والعكوف عندها ودعاءها والذبح أو النذر لها وتسبيحها وإسراجها ووضع الأشجار الخضراء عليها وتزويقها والكتابة عليها وتجصيصها ، وعمل الختمة لها ، وتوزيع الطعام والشراب في المقبرة بعد الدفن ، وتحية العلم والسلام الملكي على مختلف أنواعه وتنوع ضروبه فإن السلام الشرعي هو قول : السلام عليكم ورحمة الله وبركاته ، أما السلام بالموسيقى وضرب الطبول ووقف العساكر معظمين لا يتحركون إكباراً واحتراما لهذه الموسيقى فإنه لا يشك أدنى من له اشتغال بالعلم أنه من البدع المنكرة وبذلك يفتي أهل العلم وهو من الحق الذي يجب التصريح به بلا مداهنة أو مجاملة والله من وراء القصد ، وأعياد الميلاد ، والذكر الجماعي والسماع الجماعي ، والتعبد لله بلبس الصوف ، والهيام في البراري ومعاشرة الوحوش طلباً للكرامة ، والتعبد لله بتحريم بعض الحلال كنكاح أو طعام أو لباس ، وتخصيص شيء لا يسجد إلا عليه كما يفعل الرافضة ، وغير ذلك مما لا يكاد يحصى إلا بكلفة مما قد أنتشر وعمة به البلوى في كثير من بلاد الإسلام ، أسأله جل وعلا أن يحفظ علينا ديننا وأمننا وبلادنا ، وخصوصاً بلاد الحرمين رفع الله نزل ولاتها وعلمائها ووفقهم لما فيه الخير والبر وصلاح المسلين فإنه قادة أهل السنة وحماة الإسلام وربان السفينة أسال الله أي يحفظهم بالإسلام ويحفظ الإسلام بهم . والله أعلم .
القاعدة الثامنة : كل فعل توفر سبب فعله على عهد النبي صلى الله عليه وسلم ولم يفعله فالمشروع تركه وقد شرحتها في تلقيح الأفهام ، وهي من الردود القوية على أهل البدع ، ويخل فيها من البدع ما لا حصر لها كالطواف حول القبور ودعاء أصحابها من دون الله تعالى والذبح والنذر لها ، وكسوتها والعكوف عندها ، وإسراج القبور ووضع الورود والزهور عليها ورفعها والكتابة عليها ويدخل فيها كل الموالد والأعياد التي أبتدعها أهل التصوف والرفض ـ ويدخل فيها كل الصلوات المبتدعة التي لا دليل عليها كصلاة الرغائب إحياء ليلة النصف من شعبان ونحو ذلك ، ويدخل فيها كل أصناف الأذكار البدعية المعروفة عند أهل الأهواء والبدع وغير ذلك من الأشياء التي كانت أسباب فعلها متوفرة على عهد النبي صلى الله عليه وسلم ومع ذلك فإنه لم يفعلها لا هو ولا أحد من أصحابه فتركه لها يدل على أنها ليست من الشريعة في صدر ولا ورد ، فأمسك بهذا الأصل فإنه خيراً عظيماً والله أعلم.
القاعدة التاسعة : لا مدخل للعادات في أمور التشريع أي أن العادات الموروثة إذا كانت مخالفة للشروع فإنه يجب اطراحها وإلغاؤها وإبطالها واستبدالها بالمشروع ولا يجوز الاحتجاج على مفكرها بأنها من عوائد القوم وسلومهم وأعرافهم التي ورثوها كابراً عن كابر ، فإن هذه الحجة حجة إبليسية شركية قديمة وهي من الردود التي كان يفزع إليها الأمم الكافرة قال تعالى (( بل قالوا إنا وجدنا آباءنا على أمة وإنا على آثارهم مهتدون وكذلك ما أرسلنا من قبلك في قرية من نذير إلا قال مترفوها أنا وجدنا آباءنا على أمة وإنا على آثارهم مقتدون )) وقال تعالى عنهم (( ما سمعنا بهذا في الملة الآخرة إن هذا إلا اختلاق )) والآيات في هذا المعنى كثيرة جداً ، وتأتي هذه القاعدة رادة على هؤلاء وتقول : لا مدخل للعادات في أمور التشريع ، أي لا يجوز اعتقاد جواز التعبد بقولٍ أو فعلٍ بحجة أنه من عاداتنا وتقاليدنا وموروثات الآباء والأجداد والله أعلم .

قدوتي محمد صلى الله عليه وسلم
06-23-2010, 06:00 AM
نفع الله بك ...