المساعد الشخصي الرقمي

مشاهدة النسخة كاملة : الغسيل النفسي… رائع


محب الدعوة
01-27-2016, 01:21 PM
. عبدالعزيز الأحمد

لا تجد شيئا من موجودات الحياة إلا ويتعرض لمتغيرات الأجواء، من هواء ومطر وغبار.. فيرغب المرء بطلب الجدة ونشدان النظافة ليرجعه لطبيعته الأولى ألَقا ولمعانا وجمالا، يصدق ذلك على السكن، والمركب، والملبس، وغيرها كثير.

كذلك النفس التي بين جنبي الإنسان تصيبها متغيرات الحياة وتظهر على وجهه آثار طبيعتها من التعب والخوف والغضب والقلق، فتؤثر تلك على نفسيته ومن ثم تبين على صفحات وجهه ونظرات عينيه وفلتات لسانه؛ بل يتطور أمر تأثيرات الوضع النفسي المتأزم إلى أجهزة الجسم كتعسر الهضم، واضطراب نبضات القلب؛ حينها يحتاج المرء لتجديد نفسه وتنظيفها وتجميلها أولا بأول.

تذكرت هذه الخواطر.. وأنا جالس مع صديق عزيز قبل عدة أيام قص عليّ حدثا هزه قبل 13 عاما وهو خسرانه عشرات الملايين وهي جل تجارته، فحزن حزنا شديدا، ثم هداه الله لفكرة جميلة، وهي قيامه بشراء ماشية من الإبل عددها 10، ووضع لها مكانا قريبا من مدينته، وبدأ يخرج لها كل يومين ويشغل نفسه معها.. قال: فهدأت نفسي وابتعدت عن مصادر حزني، وأشغلتني عن تذكر مصابي، ولبث على ذلك عدة سنوات، فلما خفت آثار الحزن واستجمع قواه النفسية بعد توكله على ربه، رجع مرة أخرى بنشاط وهمة وعمل وكافح، فوفقه الله واغتنى.

كذلك أذكر أحد الاخوة أصيب بحادث سيارة وعمره 30 عاما، فَشُلَّ نصف جسمه فتأثر لذلك وحزن، فأوصاه صديق له بالانكباب على قراءة القرآن وحفظه وتفسيره وقراءة الكتب العلمية المتنوعة في جميع المجالات، وشجعه، فانطلق لذلك بالتدرج فحفظ وقرأ.. وبحث حتى ألف كتبا وأعد دراسات وأصبح مرجعا في ذلك، ومن رآه تعجب من روحه الجميلة ووجهه الرضي ومجلسه الطيب.

القصص في ذلك كثيرة، وكلها تؤكد حاجة الإنسان المعافى لتجديد نفسه ومراجعة أجهزته الجسمية والنفسية كل فترة لكي تبقى مع الإنسان بحيوتها وانطلاقها وتفاعلها وإيجابيتها.

ومما يعين الإنسان على ذلك ويقلل عليه آثار تقلبات الحياة ومشكلاتها، ويقيه من الوقوع في أعماق الحزن والاكتئاب وغيرها ما يلي: الوضوء والصلاة، والصوم والصدقة، وبر الوالدين وصلة الرحم، والإحسان للجيران والأقارب والناس، وقراءة القرآن، والكتب الماتعة النافعة، والترفية والرياضة، والتنزه في الحدائق والمزارع، والسباحة والمشي، وتقييم النظام الغذائي والنوم، والعلاقات، وغير ذلك. إن النفس كالجسد والسيارة والمسكن والملبس تحتاج ملاحظة واهتماما، وتنظيفا وتجميلا وتطييبا وأحيانا مداواة وعلاجا.. فكما نغسل البيوت والسيارات والملابس.. أليست النفس أولى بذلك وأحوج لكي تعود نضرة جميلة سعيدة؟!