ملتقى أهل الدعوة إلى الله عز وجل

ملتقى أهل الدعوة إلى الله عز وجل (http://www.ahldawa.com/index.php)
-   قسم الأفكار والوسائل الدعوية (http://www.ahldawa.com/forumdisplay.php?f=10)
-   -   اطمئن ولا تغضب ولا تضخم من المشكلات 🌹✔️✔️ (http://www.ahldawa.com/showthread.php?t=1155)

محب الدعوة 11-06-2022 09:09 AM

اطمئن ولا تغضب ولا تضخم من المشكلات 🌹✔️✔️
 
كتبه / فهد بن عبدالله العمرو

* اطمئن ولا تغضب ولا تضخم من المشكلات *
*الَّذِينَ آمَنُوا وَتَطْمَئِنُّ قُلُوبُهُمْ بِذِكْرِ اللَّهِ أَلَا بِذِكْرِ اللَّهِ تَطْمَئِنُّ الْقُلُوبُ *

جُبلت هذه الحياة على التنوع في الأحداث والوقائع ، فلا تكاد تثبت على حال ، فيومٌ رابح وآخر خاسر ويوم معافى وآخر مريض قال تعالى "لَقَدْ خَلَقْنَا الْإِنْسَانَ فِي كَبَدٍ" ، فلكي تعيش حياتك بطمأنينة وسكينة وراحة بال فلابد أن تكون مؤمنا بالقضاء والقدر خيره وشره راضيا بما كتب الله سبحانه متأملا بقلبك أنها حياة متغيرة لا تصفو ولن تصفو لأحد طوال حياته ، فليس من طبيعة الدنيا الصفاء التام إذ الأمور ثلاثة :
الدنيا فيها النعيم والعذاب ، الجنة فيها النعيم التام ، النار فيها العذاب التام ، وأنت الآن في هذه الدار التي هي بين بين فلا بد أن تعرفها جيدا حتى لا تتفاجأ إذا حدث ما لا تحب فلا تُضَخم الأمور فهذه هي طبيعة الدنيا أصلا فإذا عرفتها حق المعرفة ارتاحت نفسك واطمأنت لأن العلم بحقيقة الشيء راحة ، وحتى إن دمعت عينك من حدوث ما تكره فالنفس مستقرة لأنه انكشف لك ماهية هذه الدنيا .
طُبِعَتْ على كَدَرٍ وأنْتَ تُريدُها ... صَفْواً مِنَ الأقْذاءِ والأكْدارِ
ومُكَلّفُ الأيّامِ ضِدَّ طِباعِها ... مُتطَلّبٌ في الماءِ جذْوةَ نارِ



*الإيمان بالقضاء والقدر من أعظم أسباب الراحة القلبية*
معرفة حقيقة الدنيا والرضا عن الله والتسليم له تعالى في أقداره يُزيح عن قلبك هموماً أمثال الجبال ومن حكمة الله تعالى أن جعل الإيمان بالقدر خيره وشره واجب الاعتقاد فهو ركن من أركان الإيمان من سلَّم به كان له رحمة وراحة ، سأل جبريلُ النبي صلى الله عليه وسلم : "أَخْبِرْنِي عَنِ الْإِيمَانِ، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «أَنْ تُؤْمِنَ بِاللهِ، وَمَلَائِكَتِهِ، وَكُتُبِهِ، وَرُسُلِهِ، وَالْيَوْمِ الْآخِرِ، وَتُؤْمِنَ بِالْقَدَرِ خَيْرِهِ وَشَرِّهِ" رواه مسلم


*موقف*
يقدر الله تعالى لمريم أمرا عظيما لحكمة منه سبحانه ، حتى تمنت مريم أنها ماتت قبل هذا وكانت نسيا منسيا ، ومع ذلك يقول الله " فَكُلِي وَاشْرَبِي وَقَرِّي عَيْنًا " .

*الهدوء*
كن هادئا في التعامل مع المشكلات فلا تُضخم ولا تُهَوِّل ولا تبالغ في التحسر والندم ، فأحداث هذه الدنيا تتنوع مثلما أن الكون يتنوع ، ليل يعقبه نهار ، شتاء يحل مكانه صيف ، شروق يؤول إلى غروب ، نجوم تظهر وتختفي وشهرٌ يهلُ وينتهي وهكذا هي الدنيا سيرها عجيب وأمرها غريب قدرها الله العزيز الحكيم "إِنَّا كُلَّ شَيْءٍ خَلَقْنَاهُ بِقَدَرٍ" ، فأي شيء كان صغيرا أم كبيرا معنويا أو حسيا ، دق أو جل ، فكل هذا إنما هو بقدر من الله العليم سبحانه " مَا أَصَابَ مِنْ مُصِيبَةٍ إِلَّا بِإِذْنِ اللَّهِ وَمَنْ يُؤْمِنْ بِاللَّهِ يَهْدِ قَلْبَهُ وَاللَّهُ بِكُلِّ شَيْءٍ عَلِيمٌ "

*تساؤل ؟*
قد يقول قائل كيف السبيل إلى الهدوء والروية مع المشكلات ؟
الجواب : ابدأ بالتخلص من تضخيم المشكلات الصغيرة حتى ترتقي بعدها بإذن الله إلى الهدوء والسكينة مع المشكلات الكبيرة ، إذ لا يمكن أن تصل لهذه المرحلة إلا بالبدء بصغائر الأحداث قبل كبارها ، فمثلاً من الوقائع الصغيرة التي تقع كثيرا أثناء الجلوس على مائدة الطعام فيحدث أن طفلا صب على الأرض كأس قهوة أو لبنا أو نحو ذلك فينفعل البعض بشدة ويصرخ ! ويتفاعل بقوة مع هذه المشكلة اليسيرة ! ولا ريب أن هذا خطأ وصاحب هذا التصرف سُيتعب نفسه كثيرا فإذا كان هذ الأمر اليسير يجعل البعض يثور ويرفع صوته فلا يمكن في الغالب أن يصل لمرحلة السكينة مع الأمور العظيمة .

*إذا ضاق صدرك ووقعت في ابتلاء فعليك بالتسبيح والتحميد والصلاة*
وَلَقَدْ نَعْلَمُ أَنَّكَ يَضِيقُ صَدْرُكَ بِمَا يَقُولُونَ (*) فَسَبِّحْ بِحَمْدِ رَبِّكَ وَكُنْ مِنَ السَّاجِدِينَ"
قال السعدي "أي: أكثر من ذكر الله وتسبيحه وتحميده والصلاة فإن ذلك يوسع الصدر ويشرحه ويعينك على أمورك."اهـ
*حتى في مصيبة الموت انضبط*
حتى في مصيبة الموت تأمرنا الشريعة الإسلامية بضبط انفعالاتنا فلا نهيج في تصرفاتنا فعن أَبِي مُوسَى رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ، إِنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «بَرِئَ مِنَ الصَّالِقَةِ وَالحَالِقَةِ وَالشَّاقَّةِ» رواه البخاري ومسلم قال النووي في شرح صحيح مسلم (صَالِقَةٌ وَسَالِقَةٌ وَهِيَ الَّتِي تَرْفَعُ صَوْتَهَا عِنْدَ الْمُصِيبَةِ وَالْحَالِقَةُ هِيَ الَّتِي تَحْلِقُ شَعْرَهَا عِنْدَ الْمُصِيبَةِ وَالشَّاقَّةُ الَّتِي تَشُقُّ ثَوْبَهَا عِنْدَ الْمُصِيبَةِ ) اهـ



*تعلم الدرس الجميل في الهدوء*
عَنْ عَائِشَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهَا، قَالَتْ: «كَانَ النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يُؤْتَى بِالصِّبْيَانِ فَيَدْعُو لَهُمْ، فَأُتِيَ بِصَبِيٍّ فَبَالَ عَلَى ثَوْبِهِ، فَدَعَا بِمَاءٍ فَأَتْبَعَهُ إِيَّاهُ، وَلَمْ يَغْسِلْهُ» رواه البخاري ومسلم
انتهت المشكلة كل ما في الأمر أن دعا بماء فأتبعه إياه ، مع أن هذا بولٌ نجس ومع ذلك تأمل التصرف الهادئ المتزن بلا صراخ ولا تضخيم. وأزيدك حديثاً آخر ودرساً عظيماً من النبي الكريم صلى الله عليه وسلم تأمل معي كيف تعامل الرسول صلى الله عليه وسلم مع من بال في المسجد في أحب البقاع إلى الله ومع ذلك لا تجد إلا السكينة والرحمة والهدوء في التعامل مع الخطأ ومع الجاهل في الحكم فعن أبي هُرَيْرَةَ رضي الله عنه أَنَّ أَعْرَابِيًّا بَالَ فِي المَسْجِدِ، فَثَارَ إِلَيْهِ النَّاسُ ليَقَعُوا بِهِ، فَقَالَ لَهُمْ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «دَعُوهُ، وَأَهْرِيقُوا عَلَى بَوْلِهِ ذَنُوبًا مِنْ مَاءٍ، أَوْ سَجْلًا مِنْ مَاءٍ، فَإِنَّمَا بُعِثْتُمْ مُيَسِّرِينَ وَلَمْ تُبْعَثُوا مُعَسِّرِينَ» رواه البخاري
*طمأنينة رغم الابتلاءات*
فهذا رسول الله صلى الله عليه وسلم على الرغم من الابتلاءات التي عاشها ويعيشها إلا أنه مطمئن متوسد بردة له في ظل الكعبة ! فعَنْ خَبَّابِ بْنِ الأَرَتِّ، قَالَ: شَكَوْنَا إِلَى رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، وَهُوَ مُتَوَسِّدٌ بُرْدَةً لَهُ فِي ظِلِّ الكَعْبَةِ، قُلْنَا لَهُ: أَلاَ تَسْتَنْصِرُ لَنَا، أَلاَ تَدْعُو اللَّهَ لَنَا؟ قَالَ: «كَانَ الرَّجُلُ فِيمَنْ قَبْلَكُمْ يُحْفَرُ لَهُ فِي الأَرْضِ، فَيُجْعَلُ فِيهِ، فَيُجَاءُ بِالْمِنْشَارِ فَيُوضَعُ عَلَى رَأْسِهِ فَيُشَقُّ بِاثْنَتَيْنِ، وَمَا يَصُدُّهُ ذَلِكَ عَنْ دِينِهِ، وَيُمْشَطُ بِأَمْشَاطِ الحَدِيدِ مَا دُونَ لَحْمِهِ مِنْ عَظْمٍ أَوْ عَصَبٍ، وَمَا يَصُدُّهُ ذَلِكَ عَنْ دِينِهِ، وَاللَّهِ لَيُتِمَّنَّ هَذَا الأَمْرَ، حَتَّى يَسِيرَ الرَّاكِبُ مِنْ صَنْعَاءَ إِلَى حَضْرَمَوْتَ، لاَ يَخَافُ إِلَّا اللَّهَ، أَوِ الذِّئْبَ عَلَى غَنَمِهِ، وَلَكِنَّكُمْ تَسْتَعْجِلُونَ» رواه البخاري .
وفي البخاري عن جندب قال : بَيْنَمَا النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَمْشِي إِذْ أَصَابَهُ حَجَرٌ، فَعَثَرَ، فَدَمِيَتْ إِصْبَعُهُ، فَقَالَ:«هَلْ أَنْتِ إِلَّا إِصْبَعٌ دَمِيتِ ... وَفِي سَبِيلِ اللَّهِ مَا لَقِيتِ» ، فإذا أصابك مكروه فاحرص على إنهاء المشكلة وذكر نفسك بالاحتساب لله تعالى ولا تتسخط ولا تجزع ولا تتفاعل مع غضبك بل هَدّئ نفسك بالعبارات الجميلة المفيدة .
*لاتغضب*

عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ، أَنَّ رَجُلًا قَالَ لِلنَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: أَوْصِنِي، قَالَ: «لاَ تَغْضَبْ» فَرَدَّدَ مِرَارًا، قَالَ: «لاَ تَغْضَبْ» رواه البخاري

فإن وقع عليك الغضب وامتلأ به صدرك فالزم السكوت فعن ابْنِ عَبَّاسٍ قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «عَلِّمُوا وَيَسِّرُوا وَلَا تُعَسِّرُوا، وَإِذَا غَضِبَ أَحَدُكُمْ فَلْيَسْكُتْ» رواه البخاري في الأدب المفرد وأحمد وصححه الألباني وحسنه شعيب الأرنؤوط

وعَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رضي الله عنه قال قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: " إِذَا غَضِبْتَ فَاسْكُتْ " رواه ابن شاهين في الفوائد وقال الألباني إسناد حسن .

*اقرأ هذه الآيات بتدبر وخذ بإرشاداتها*
قال الله تعالى

إِنَّ الْإِنْسَانَ خُلِقَ هَلُوعًا (19) إِذَا مَسَّهُ الشَّرُّ جَزُوعًا (20) وَإِذَا مَسَّهُ الْخَيْرُ مَنُوعًا (21) إِلَّا الْمُصَلِّينَ (22) الَّذِينَ هُمْ عَلَى صَلَاتِهِمْ دَائِمُونَ (23) وَالَّذِينَ فِي أَمْوَالِهِمْ حَقٌّ مَعْلُومٌ (24) لِلسَّائِلِ وَالْمَحْرُومِ (25) وَالَّذِينَ يُصَدِّقُونَ بِيَوْمِ الدِّينِ (26) وَالَّذِينَ هُمْ مِنْ عَذَابِ رَبِّهِمْ مُشْفِقُونَ (27) إِنَّ عَذَابَ رَبِّهِمْ غَيْرُ مَأْمُونٍ (28) وَالَّذِينَ هُمْ لِفُرُوجِهِمْ حَافِظُونَ (29) إِلَّا عَلَى أَزْوَاجِهِمْ أَوْ مَا مَلَكَتْ أَيْمَانُهُمْ فَإِنَّهُمْ غَيْرُ مَلُومِينَ (30) فَمَنِ ابْتَغَى وَرَاءَ ذَلِكَ فَأُولَئِكَ هُمُ الْعَادُونَ (31) وَالَّذِينَ هُمْ لِأَمَانَاتِهِمْ وَعَهْدِهِمْ رَاعُونَ (32) وَالَّذِينَ هُمْ بِشَهَادَاتِهِمْ قَائِمُونَ (33) وَالَّذِينَ هُمْ عَلَى صَلَاتِهِمْ يُحَافِظُونَ (34) أُولَئِكَ فِي جَنَّاتٍ مُكْرَمُونَ


الساعة الآن 02:16 AM بتوقيت مسقط

Powered by vBulletin® Copyright ©2000 - 2024, Jelsoft Enterprises Ltd. Translated By Sma-jo.com