أتبكِي لهذا الموتِ أم أنتَ عارفُ ** بمنزلةٍ تبقَى وفيهَا المتالِفُ 
 كأنّكَ قد غُيّبْتَ في اللّحدِ والثّرَى ، ** فتلْقَى كمَا لاقَى القُرونُ السَّوالفُ 
 أرى الموتَ قد أفْنَى القرونَ التي مضتْ ** فلمْ يبقَ ذُو إلفٍ ولم يبقَ آلِفُ 
 كأنَّ الفتى لم يَفْنَ في الناسِ ساعةً ** إذا أُعصِبَتْ يوماً عليهِ اللفائفُ
 وَقامَتْ عَلَيْهِ عُصْبَةٌ يَندُبونَهُ ، ** فمستعبرٌ يبكي وآخرُ هاتفُ 
 وغُودِرَ في لحدٍ ، كَريهٍ حُلُولُهُ ، ** وتُعْقَدُ مِنْ لبنٍ عليهِ السقائِفُ 
 يقلُّ الغَنَا عن صاحبِ اللحدِ والثَّرى ** بما ذَرَفَتْ فيهِ العُيُونُ الذوارِفُ 
 وَما مَن يخافُ البَعثَ والنّارَ آمِنٌ ، ** ولكنْ حزينٌ موجَعُ القلبِ خائفُ 
 إذا عنَّ ذكرُ الموتِ أوجعَ قلبهُ ** وَهَيّجَ ، أحزاناً ، ذُنُوبٌ سَوَالِفُ
 وأعلمُ غيرَ الظنِّ أن ليسَ بالِغاً ** أعاجيبَ ما يَلقى منَ النّاسِ ، وَاصِفُ
 
 أبو العتاهية