عرض مشاركة واحدة
قديم 04-30-2011, 08:51 PM   #7
داعية مميز
 
تاريخ التسجيل: Dec 2010
الدولة: المغرب/الدار البيضاء
المشاركات: 443
إرسال رسالة عبر Yahoo إلى أبو عبد البر طارق دامي
افتراضي رد: سياط القلوب قبل لقاء علام الغيوب

التوبة... التوبة

قال تعالى:
حَتَّى إِذَا جَاءَ أَحَدَهُمُ الْمَوْتُ قَالَ رَبِّ ارْجِعُونِ
الناس في التوبة على أقسام:
فمنهم: من لا يوفق لتوبة نصوح بل ييسر له عمل السيئات من أول عمره إلى آخره حتى يموت مصرا علها وهذه حالة الأشقياء.
وأقبح من ذلك: من يسر له في أول عمره عمل الطاعات ثم ختم له بعمل سيء حتى مات عليه كما في الحديث الصحيح: "إن أحدكم ليعمل عمل أهل الجنة حتى ما يكون بينه وبينها إلا ذراع ثم يسبق عليه الكتاب فيعمل بعمل أهل النار فيدخلها"
ما أصعب الإنتقال من البصر إلى العمى
وأصعب منه الضلالة بعد الهدى
والمعصية بعد التقى
كم من وجوه خاشعة وقع على قصص أعمالها {عَامِلَةٌ نَاصِبَةٌ،تَصْلَى نَاراً حَامِيَةً}
كم من شارف مركبه ساحل النجاة فلما هم أن يرقى لعب به موج الهوى فغرق
الخلق كلهم تحت هذا الخطر
قلوب العباد بين اصبعين من أصابع الرحمن يقلبها كيف يشاء
قال بعضهم: ما العجب ممن هلك كيف هلك إنما العجب ممن نجا كيف نجا.
وقسم يفني عمره في الغفلة والبطالة ثم يوفق لعمل صالح فيموت عليه وهذه حالة من عمل بعمل أهل النار حتى ما يكون بينه وبينها إلا ذراع فيسبق عليه الكتاب فيعمل بعمل أهل الجنة فيدخلها.
الأعمال بالخواتيم
وأشرف الأقسام وأرفعها:
وهو من يفني عمره في الطاعة ثم ينبه على قرب الأجل ليجد في التزود ويتهيأ للرحيل بعمل يصلح للقاء يكون خاتمه للعمل
كان السلف الصالح مع اجتهادهم في صحة الأعمال يجددون التوبة والإستغفار عند الموت ويختمون أعمالهم بالإستغفار وكلمة التوحيد.
لما احتضر العلاء بن زياد بكى
فقيل له: ما يبكيك؟
قال: كنت والله أحب أن أستقبل الموت بتوبة
قالوا: فافعل رحمك الله فدعا بطهور فتطهر ثم دعا بثوب جديد فلبسه ثم استقبل القبلة فأومأ برأسه مرتين أو نحو ذلك ثم اضطجع ومات.
ولما احتضر عامر بن عبد الله بكى وقال:
لمثل هذا الصراع فليعمل العاملون: اللهم إني أستغفرك من تقصيري وتفريطي
وأتوب إليك من جميع ذنوبي
لا إله إلا الله
ثم لم يزل يرددها حتى مات رحمه الله
وقال عمرو بن العاص رحمه الله عند موته:
اللهم أمرتنا فعصينا
ونهيتنا فركبنا
ولا يسعنا إلا عفوك لا إله إلا الله ثم رددها حتى مات
وقال عمر بن عبد العزيز رحمه الله عند موته:
أجلسوني فأجلسوه فقال:
أنا الذي أمرتني فقصرت
ونهيتني فعصيت
ولكن لا إله إلا الله
ثم رفع رأسه فأحد النظر
فقالوا: إنك تنظر نظرا شديدا يا أمير المؤمنين
فقال: أتاني حضرة ما هم بإنس ولا جن
ثم قبض رحمة الله عليه وسمعوا تاليا يتلو: {تِلْكَ الدَّارُ الْآخِرَةُ نَجْعَلُهَا لِلَّذِينَ لا يُرِيدُونَ عُلُوّاً فِي الْأَرْضِ وَلا فَسَاداً وَالْعَاقِبَةُ لِلْمُتَّقِينَ} [القصص:83].
يا غافل القلب عن ذكر المنيات ... عما قليل ستثوى بين أموات
فاذكر محلك من قبل الحلول به ... وتب إلى الله من لهو ولذات
إن الحمام له وقت إلى أجل ... فاذكر مصائب أيام وساعات
لا تطمئن إلى الدنيا وزينتها ... قد حان للموت يا ذا اللب أن يأتي

التوبة التوبة قبل أن يصل إليكم من الموت النوبة
فيحصل المفرط على الندم والخيبة
والإنابة الإنابة قبل غلق باب الإجابة
الإفاقة الإفاقة فقد قرب وقت الفاقة
ما أحسن قلق التواب ما أحلى قدوم الغياب ما أجمل وقوفهم بالباب.
أسأت ولم أحسن وجئتك هاربا ... وإني لعبد من مواليه مهرب
يؤمل غفرانا فإن خاب ظنه ... فما أحد منه على الأرض أخيب

...
من نزل به الشيب فهو بمنزلة الحامل التي تمت شهور حملها فما تنتظر إلا الولادة
كذلك صاحب الشيب لا ينتظر إلا الموت فقبيح منه الإصرار على الذنب.

أي شيء تريد مني الذنوب ... شغفت بي فليس عني تغيب
ما يضر الذنوب لو أعتقتني ... رحمة بي فقد علاني المشيب

ولكن توبة الشاب أحسن وأفضل في حديث مرفوع خرجه ابن أبي الدنيا: "إن الله يحب الشاب التائب"
قال عمير بن هانيء:
تقول التوبة للشاب: أهلا ومرحبا
وتقول للشيخ: نقبلك على ما كان منك
الشاب ترك المعصية مع قوة الداعي إليها
والشيخ قد ضعفت شهوته وقل داعيه فلا يستويان
فيا أيها العاصي
وكلنا ذلك
لا تقنط من رحمة الله بسوء أعمالك
فكم يعتق من النار في هذه الأيام من أمثالك
فأحسن الظن بمولاك وتب إليه فإنه لا يهلك على الله هالك.
لطائف المعارف بتصرف
أبو عبد البر طارق دامي غير متواجد حالياً   رد مع اقتباس